بسم
الله الرحمن الرحيم
برنامج قصة مفيدة
********
حبايبي الأطفال، جيناكم بالإقبال، بأحلى حكاية
مفيدة، فيها معاني عظيمة، تروي ظمأ مشتاق، للعلم والأخلاق، وتكون أحلى ترياق،
والله محتارة، من وين أبدأ خايفة أتأأ، وشلون أقرأ يله ساعدوني، بس لازم تسمعوني،
وإن ما عجبتكم الرواية تقولون لي كفاية، بس شوفوا
الحكاية، نبدأ؟ نبدأ خلاص، وحكايتنا هي:
حكاية غَــزْلان وجوهرة الأميرة
******************
يحكى أنه في إحدى المدن القديمة، أن ملكها كان
يعز ابنته الوحيدة، معزة شديدة، فأحضر لها جوهرة لا يوجد لها بالمدينة مثيلا،
لتضعها في أوسط عقدها اللؤلؤي؛ فينتظم العقد جميلا، وكان اللصوص يترقبون المدينة،
فإذا تعب الناس من عمل اليوم؛ لم يجدوا من النوم بديلا.
وفي يوم من الأيام يسمع لص عن جوهرة العقد الخاصة
بالأميرة، ابنة الملك طبعا، فيقوم بسرقتها عندما كانت تتريَض في حديقة القصر، لقد
سرق الجوهرة وأبقى العقد من غيرها لكي لا يشك أحد فيه.
ويشتاط غضب الملك، فيجمع الناس والحراس، ويعلن
أمامهم بأنه قد رصد مكافأة كبيرة لمن يعرف اللص أو حتى يدل عليه، لأنه سرق جوهرة
الأميرة، وهي ما زالت تبكي علي ضياعها، لأنها هدية أمها التي ماتت منذ سنين،
وبينما الملك يتحدث إليهم، يقوم أحد الحراس واسمه نوران فيقول:
-
إنه لا حاجة لمن يبحث عن اللص؛ فأنا وحدي كفيل بأن أحضر
الجوهرة، ويمسك باللصوص جميعا.
فرد الملك:
-
أأنت متأكد مما تقول يا نوران؟
-
بلى سيدي، وكلها ساعة، وأثبت لك ذلك.
ويدخل رئيس الحراس في الحديث فيقول لنوران:
-
يا نوران لن تقدر على اللصوص وحدك؛ فأنا أعلم مقدرتك
وجهدك، فخذ معك أحد يساعدك.
طبعا نوران
عنيد، لم يصدق ما قاله له رئيس الحراس، ورفض أن يذهب معه أحد ليبحث عن اللصوص،
وأخذ يتباهى ويتفاخر، ويعلى صوته وهو مسرور، فظن الحاضرون أنه تملكه الغرور، وما
أدراك ما الغرور يضيع صاحبه، وأخذ على الفور ينادي بأنه سيغرر باللصوص والأعادي
وأخذ يصيح بصوت عال يسمعه كل من حول القصر:
-
أنا نوران الشجاع البَشوش النَشُوش، لا أخاف من الثعالب
حتى الوحوش، وكم لي بين الضباع باع، حتى أني هابتني السباع.
ويضحك الجميع
مما قاله نوران، وبعد أن انتهوا من ضحكاتهم، يأمره الملك نوران بالخروج، فيخرج
نوران يبحث عن الحصان، فلقد ركب حصانه الذي ظل ساعة يبحث عنه، لا يدري مكانه، وانطلق إلى شانه إلى
مغارة اللصوص، وفي الطريق بدأ نوران ينتابه نوم عميق وخاف من طول الطريق، ففضل أن
ينام ساعة حتى يفيق.
وكان في
المدينة أحد الغلمان واسمه غزلان سمع عن ضياع عقد الأميرة، وبأنها باتت ليلتها حزينة؛
لفقدها الجوهرة الثمينة، فرق غزلان لحالها، وقرر أن يرد الجوهرة لها، وكان يعرف المغارة
التي يسكن فيها اللصوص، وفي سرعة يمشي إليها، ويسرع الأقدام إليها وهناك اللصوص
نائمون، وفي النوم مستغرقون، فدخل يتحسس جدار الغار، وكأنه يسير على الشوك أو
النار، وإذا به ينظر فيجد بجوارهم سرتين فيخطفهما في سرعة ويهرب بهما خارجا، وبعد
أن فر بعيدا يفتح السرة القديمة؛ فيجد فيها جوهرة الأميرة، كما وجد في الأخرى
نقودا كثيرة، فقال لنفسه:
-
سأعطيها للملك ليردها لأهلها.
ويسرع غزلان
إلى المدينة، ويمشي بخطى لكن ليست سريعة، طبعا لكي لا يشك أحد فيه، وبعد ان أخفى
الجوهرة والسرة في جيبه، أخذ يمد الخطو وينظر خلفه فلعل اللصوص خلفه يريدون قتله،
إنه لا يريد أن يسرع المسير، كما أن ثيابه تدل على أنه فقير، ويذهب من طريق أخرى
غير التي يمشي بها اللصوص، ومن بعيد يرى المدينة، فيقول لنفسه بعد أن أتعبه المشي :
-
هاهي المدينة، إنها قد صارت قريبة، لكن سأستريح بعض
الوقت وأكمل المسير.
وقليلا قليلا بدأ يدب فيه الخوف، ظهر عليه
الخوف يعني، طبعا تقولون لي لماذا خاف صاحبنا، وأهل المدينة ناس مثله، خاف لأنه
رأى واحدا قادما نحوه راكبا حصانا، طبعا تقولون لما لا يختبأ منه، لا المكان صحراء
واسعة فأين وأين يذهب؟ المهم أنه خاف، لكن المفروض كان يتشجع، لكن هنا لازم الخوف،
لكن خوف عن خوف يفرق، فيه خوف يؤدي للارتباك، ويضيع صاحبه، ونسمي صاحبه جبان،
والخوف ده يجعلك تتراجع عن عمل مفيد وتتراخى وتكسل، لكن خوف صاحبنا غزلان، ما كان
من هذا النوع، إنه خوف للحذر لأنه أول مرة يدخل المدينة، وهو طبعا قادم من عند
اللصوص، وممكن أحد من الحراس يجد الجوهرة معه، فيتهمه بأنه لص، صح ولا لا؟ لذلك
فكر ماذا يفعل؟، وفجأة يقترب من الحارس، وينظر فيرى الفارس نوران يقترب منه شيئا
فشيئا، وكانت الشمس قد قاربت على المغيب، وبسرعة يتحول حذر غزلان إلى خوف وارتباك،
وراح يختبأ من الحارس، ولكن الحارس لاحظه من بعيد فجرى خلفه، وغزلان يجري سيطر
الخوف عليه بشدة، طبعا تعرفون لماذا جرى الفارس خلفه، أكيد لأنه لم يتشجع في هذه
اللحظة، ولم يقف ويكلم الحارس بشجاعة.
وظل يجري
ويعود للمكان الذي بدأ منه الجري ليجد كوخا صغيرا مكشوفا من أعلى ، فاختبأ خلفه،
ويدوران حول الكوخ، إلى أن شك الحارس أنه لص، فلا يستطيع الفارس اللحاق به، فيعود
إلى حصانه ليركبه ويدور به حول الكوخ فلا يجد أحدا، وكان غزلان قد انتهز فرصة ذهاب
الحارس نوران لحصانه، والتقط أنفاسه، وبسرعة يقفز من على الجدار ويدخل الكوخ،
ويرجع نوران الحارس بحصانه، ويدور حول الكوخ، ويتعجب، ويسأل نفسه:
-
أين ذهب هذا اللص؟ ويحي وما يدريني أنه لص؟!!
وفجأة يسمع
نوران صوت أنفاس غزلان تتردد بقوة من التعب وهو داخل الكوخ والخوف طبعا، لكن
الحارس نوران، بدأ الخوف يسيطر عليه هو الآخر، خصوصا وأن الظلام بدأ يحل على
المكان، والحارس يسمع صوت أنفاس، ويسأل نفسه:
-
ما هذا؟ إنسي، أم جني؟ يا الله.
وبدأ يرتعد من الخوف طبعا وسيفه، ما زال في يده، ويردد:
-
يا الله ممكن أن يكون عفريت، عفريت؟!! و العفريت، ماذا
أفعل معه؟ وكيف أواجهه، يا ضياعك يا نوران يا ليتك ما وافقت على حكاية الجوهرة
هذه؟ وتظهر كذابا، ولا تنفذ كلامك أيها المغرور.
وبدأ يمشي
بسيفه ناحية الباب، وقال في نفسه:
- الباب مغلق، ولكنه أغلق، أكيد إنه جني، سأهرب من هنا،
وأنجو بنفسي.
ولما أحس أن
الخوف تمكن منه، فكر أن يهرب لكنه تفكر وتذكر أن الملك سيعاقبه بالسجن فقد يكون بداخل
الكوخ لص فتشجع قليلا، وصعد إلى أعلى الكوخ وكان غزلان قد سبقه ففتح الباب، وركب
حصان الحارس نوران وطار به، وهو متحير أين يذهب، ولكنه قرر الذهاب إلى المدينة حيث
قصر الملك على مشارفها.
وينظر نوران فيجد الباب مفتوحا فينزل بسرعة إلى حصانه،
فلا يجده، فجلس يبكي، ويلوم نفسه ويقول:
-
أنا الذي خفت والخوف هو الذي ضيعني، كان المفروض أن
أتشجع، أي شجاعة وأنا أذهب إلى اللصوص وحدي، أنا مخطأ من البداية،كان المفروض أن
أسمع كلام رئيس الحراس، لكن أنا أدعي الشجاعة الواهية، وأكذب على الأمير والحراس،
وأنا قلت لهم أنا أعمل وأسوي، غرور طبعا، وهذي هي عاقبة الغرور.
قلق الملك،
ومرت ساعة بعد ساعة أن يعود الحارس ما عاد، أن يرجع بعد ساعة ما رجع أو ساعتين حتى
فلم يرجع، فجمع الملك حراسه، وقال لهم:
-
اسمعوا، الحارس نوران للآن ما عاد، يا ترى ماذا جرى له؟
يرد رئيس الحراس:
-
المهم ليس هو، المهم أن عقد الأميرة معه.
يرد الأمير عليه:
-
المهم ليس عقد الأميرة، المهم عودة نوران، من الممكن أن
يكون اللصوص قد قتلوه.
يرد أحد الحراس:
-
من السهل أن يقتله أن يقتله أي أحد، ليس اللصوص فقط،
لأنه عقد ثمين لو رآه أي إنسان سيقتله.
فيبادره الملك:
-
اسكت أنت واسمعوا سنخرج جميعا للبحث عن الحارس وأنا
معكم.
ويخرج الجميع
للبحث عن نوران، وقد دخل الليل، ولكن قبل خروجهم ينظر الأمير والحراس فيرون غزلان
قادما وإذا بهم يسمعون صوته:
-
توقفوا توقفوا، إلى أين؟
فيرد الأمير:
-
من أنت؟
-
أنا من أتيت لكم بالخبر اليقين.
يرد الملك:
-
الخبر اليقين!! أي خبر يا غلام؟
يجيبه غزلان:
-
خبر نوران، تعالوا معي.
ويتدخل في الحوار رئيس الحراس، فيقول:
-
انظر مولاي هذا حصان الحارس نوران، أيها الحراس اقبضوا
عليه، قيدوه.
فيرد الأمير
مسرعا:
-
توقفوا توقفوا، وأنت ماذا بك أيها الغلام؟
وينزل غزلان من على الحصان، ويعطيه لهم الحصان، وهو
يقول:
- خذوا حصان
الحارس نوران، وهذه حقيبته خذها يا رئيس الحراس، وأعطها لملك، فيليقيها إليه
فيتخوف منها، فيقول له الأمير:
- افتح
الحقيبة يا رجل لا تكن جبانا.
فيقول رئيس الحراس:
-
لعل بها حية تأكلني.
فيكرر الملك:
-
أخرج يا رجل، هياهيا.
ويرفض رئيس
الحراس إخراج ما بالحقيبة، فيأخذها الملك، ويخرج ما بها، فإذا هو عقد الأميرة
كاملا، وبه الجوهرة، فيمسكه الملك بيده، ويقول متعجبا وهو يحملق بعينيه:
-
عقد الأميرة، والجوهرة!! ويحي أنا في حلم، لا أصدق،
تعالى أيها الغلام ندخل إلى القصر، وقل لي من أنت، وما حكايتك؟
ويسكت جميع الحراس مذهولين، وغزلان يقول للملك:
-
لا لن أدخل حتى نحضر الحارس المسكين.
يرد الملك:
-
وماذا حل به؟
يجيب رئيس الحراس:
-
أكيد قتله اللصوص، هذا الطماع.
يرد عليه غزلان:
-
لا بل ضيعه الخوف والذي كاد أن يضيعني أيضا.
الملك لغزلان:
-
قل لي ما حكايتك؟
وحكى لهم غزلان ما حدث بينه وبين الحارس، فقهقه الملك،
وهو يقول ضاحكا:
- الخوف يقتل
الجوف، ويغير الكيف، ولو حمل صاحبه السيف.
ويقول الأمير:
-
تعالى يا بني كلنا سنذهب إليه.
ويذهب الجميع
ليحضروا الحارس نوران، والذي راح في نوم عميق، تحت إحدى الأشجار، طبعا أخذوا معهم
حصانه و وضعوا عليه الحقيبة وبها العقد ، ويقفون بالقرب منه ، ويوقفون الحصان
بعيدا، ولكنه الحصان يسرع ويجري متقدما إلى صاحبه نوران النائم، ويصهل ويوقظه، و ينظر
نوران فيرى حصانه فيندهش، ويقول بصوت عال:
-
حصاني!! لكن أين العقد؟
ويقوم وهويمد
يده، ويربت على ظهر الحصان، وينظر فيرى الحقيبة، وبسرعة يمد يده بها، فيجد
العقد فيقول:
-
يا فرحتي العقد كاملا!! عقد الأميرة وكاملا!! لا أصدق، إنني
في حلم جميل، سأرجع الآن سأرجع، سأرجع للأمير، وأعطيه العقد، وأحصل على المال
والذهب، وأصبح من الأغنياء ولكن لن أحكي له على هذا الحلم الجميل، إنها العفاريت
التي يحكي عنها أهل هذه القرية، والتي تظهر في هذا المكان.
وعند ذلك يعلو صوت الأمير بعد أن أشار للحراس بالسكوت:
- تعالى يا
نوران، وهل هناك من يحلم وهو واقف؟!! ويكلم نفسه هكذا، تعالى يا قليل العقل، لا لا
أريد شيئا.
يرد نوران على الملك:
-
عفريت أنت أنت العفريت، حدثني وأصدقني القول فسأكون
صديقا لك، وأريد منك شيئاً تقضيه لي الآن.
-
أعلم ما تريده من غير قولك، تريد القضاء على اللصوص؟
-
نعم هو ما أريده، أحضرهم لي أرجوك.
-
نعم نعم سأجيب طلبك، هل لك طلبات أخرى؟
-
لا شكرا هذا كل ما أريده.
وعند ذلك يقترب الجميع منه، فيفاجأ نوران بالجميع يقتربون منه، وينظر فيجد
الأمير ماثلا أمامه يقول له:
- تعالى واركب
حصانك، وهات العقد لنعد من حيث أتينا، وتعلم كيف تكون شجاعا أولا، وبعد سنعطيك
المال ويقول نوران للملك وهو كالندمان:
- لكنى أنا
الذي وجدت الجوهرة.
- تعالى يا
رجل وستعلم من وجدها.
- هل وجده
أحد غيري؟!!!
فيرد رئيس الحراس:
- اسكت أيها
الجبان، وستعرف كل شيء.
ولما عادوا
جميعا إلى القصر، حكى له الملك الحكاية، وكشف له الحقيقة من البداية للنهاية، فندم
نوران على ما كان، وأدرك أن الجبان يستحيل أن يكون من اشجعان وأن الشجاعة لا يغتر
بها إنسان، وبعدها وقرر أن يكافأ الغلام الفقير
غزلان بالمال، فرفض الغلام، فقال له الملك:
-
إذن فلك العقد بجوهرته.
يرد غزلان:
-
لا أريد المال، فأنا فقير نعم، لكني لا أريد مقابل معروف
وواجب قدمته.
فقال الأمير:
- اسمع يا
فتى، لك عندي هدية، لكن لا تردها هذه المرة، فيرد غزلان:
- قل لي ما هي
مولاي؟
فيرد الأمير:
-
سأزوجك الأميرة.
يرد غزلان:
-
الأميرة؟!! ماذا تقول سيدي؟!!
يرد الملك:
-
نعم لأنك أثبت أنك تستحقها فعلا؛ يكفي أنك فهمت الغرض
الحقيقي من المكافأة وهو معرفة مكان اللصوص والقبض عليهم.
رد غزلان متلجلجا، وهو لا يصدق ما يحصل، وكأنه في حلم:
-
لكن لكن.
يرد عليه الملك:
-
لا تقل شيئا، فإني بحثت أخلاق جميع الفتيان، وخبرتهم
جميعا، فلم أر لها كفؤا إلا أنت، فهل قبلت؟
يجيبه غزلان:
-
المهم أن تكون الأميرة موافقة سيدي.
يرد الملك على غزلان:
-
الأميرة هي التي أمرتني أن أزوجها فتى شجاعا مثلك، فهي
موافقة من ذي قبل.
ويتزوج غزلان
الأميرة، وتقام الأفراح والليالي في الساح في ليلة من أبهى الليالي الملاح، وظلت
الأفراح حتى اقترب الصباح، ويدخل العروسان القصر، بعد أن يلبس غزلان عروسه العقد،
وفي النهاية، وبعد أن تمت الأفراح، يذهب الملك والحراس ليقبضوا على اللصوص
الأوباش.
وفي النهاية
أحبتي الصغار، ومثل ما عودناكم، وبالخير
التقيناكم، وحسُنَت بالقصة لُقياكُم، نقابلكم بكرة، وبخير إن شاء الله نلقاكم
والنهاية معكم بداية، لحين ما نلقاك بأحلى وأجمل حكاية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق